عرض المادة
شيئاً ما.. نفتقده
2009-06-25
شيئاً ما.. نفتقده
الأمن.. هذه النعمة العظيمة التي امتن الله بها على من يشاء من عباده، نعمة تستحق الشكر؛ لأن الأمن في الطريق والأمن في المعايش مما يعين الانسان أن يعيش حياته باستقرار.. يعبد ربه ويجلب قوته ويضم أولاده، بعيداً عن الرعب والهلع والمخاوف.
ولأجل عظم نعمة الأمن فقد امتن الله تعالى على قريش مذكراً إياهم بهذه النعمة العظيمة، مع ما كانت تعاني منه الأمم من حولهم من الخوف وعدم الأمن، فقال تعالى: {أولم يروا أنّا جعلنا حرماً آمنا ويُتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون}، وقال تعالى: {أولم نمكن لهم حرماً آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقاً من لدنّا ولكن أكثرهم لا يعلمون}.
فالأمن سبب للخير، ووسيلة للحصول على بلوغ المطلوب من المعايش، وأنواع النعم، فهاهم تجلب إليهم أنواع النعم والأرزاق من كل حدب وصوب ودون بالغ عناء بسبب الأمن الذي رزقهم الله به.
ولكن هذا الأمن الذي تطمئن به على عرضك ألا ينتهب، وعلى رزقك ألا ينقطع، وعلى ولدك ألا يسفك دمه دون ذنب، هذا الأمن إن لم يؤد شكره فحريٌّ به أن يسلب من العبد على حين غرة ودون شعور منه، لأن الشكر أساس بقاء النعمة، ولذا فقد قال الله تعالى بعد الآية السابقة: {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنا نحن الوارثين}، فالبطر والفسوق سبب لسلب هذه النعمة.
ومن علم أحوال البلاد التي تعاني من التفكك والخوف ونقص المعيشة بسبب انفلات الأمن علم منزلة الأمن، فإن الخوف يعني أن تقطع السبل وتغلو المعيشة ويضعف الدين.. فهل علم أبناؤنا المغرورون بهذه الحقائق المخيفة؟
لو علموا.. لزادهم ذلك وعيا وإدراكاً..
فياليتهم يعلمون..
لماذا بعض الناس يتصرف وكأنه مل الأمن، وسئم الرفاهية، فبدأ يعمل بطيش يريد أن يغير هذا الواقع الجميل إلى واقع بئيس.. فأين يذهب هذا وأمثاله من سطوة الله وأليم عقابه، وكيف لو حصل له بعض ما يريد كيف سيحمل أوزار المسلمين بين يدي الجبار العزيز؟؟
إن منتهى الجبن والخور أن يرى المرء بلاده الآمنة يعمل ضدها المنافق والمجرم والكافر والمتزلف وداعية الانحدار والتبرج وقتل الفضيلة، فيقوم مناصراً لهم دون أن يشعر، بدلاً من أن يقف مناصراً لبلاده، فيجعلها لقمة سائغة في أفواههم.
مصيبتنا الكبرى أن كلاًّ منا يدعي الذكاء.. ولو كان كذلك إذن ما هذا الفوج الكبير من الأغبياء الذين بدأوا يتصرفون ويتكلمون في شؤون الأمة، وكل شيء يشهد بمنتهى الغباء الذي يتصفون به..
أخشى أن بعض الناس سئم الألفة والمودة واحترام الدين وعلو مكانته في قلوب الناس، فاشتاق لبلد يكثر فيه البطش والإهانة والتعذيب كما تفعل بعض الدول الغاشمة الظالمة.
أين هؤلاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه"، قالوا: كيف يذل نفسه؟، قال: "يحمل نفسه من البلاء مالا يطيق".
متى يعرف الشباب في بلاد الخير أنه يعيش بينهم أناس يحسدونهم على عقيدتهم الصافية ويرونها خرافة وضلالات، ويحسدونهم على أمنهم، ويريدونها أن تكون كبلادهم يكثر فيها الكفر والخوف والرعب وقطع السبيل.
فيا أيها الشباب إن هؤلاء أفسدوا بلادهم ووضعوا الشباب في حلوق الحكام وجاءوا ليعيدوا معكم الكرة هنا (ولكن هذه المرة بالشماغ الأحمر والثوب....) فمتى تعقلون؟؟؟؟
لماذا كلما جاءكم ناصح أسميتموه منافقا؟؟؟
إن بلاداً تحكم بالزندقة والإلحاد والكفر تجد أبناءها يخافون عليها ويحبونها ويفدونها بالغالي والنفيس، فمال بعض شبابنا تخاذلوا عن نصرة بلادهم والمحافظة على أمنها وهي تدين بالاسلام وترفع لواءه، وفيها تقام شعائر الاسلام دون ضغط أو إرهاب وينصر فيها الدين وتؤمن فيها السبل وتحفظ فيها الأرواح من الإزهاق، والأعراض من العدوان..
أليس التخاذل عن نصرة مثل هذا البلد نوع من السفه؟؟
ما عذركم أمام الله.. وأين عقولكم..؟
أين أنتم عن قول القائل..
أأجعلها تحت الرحى ثم أبتغي خلاصا لها إني إذن لرقيع
إنك حين تعلم أن بيتك مستهدف من عدو فإنك ستتخذ كافة وسائل الحيطة والحذر للنأي به عن المخاطر، فكيف ببلدك الذي تنعم فيه بالراحة والأمن وسبل المعيشة وتتنفس فيه الإسلام الصافي، وهو الذي يدافع عن قضاياه رغم الهجوم العنيف الذي يتلقاه من أعداء الإسلام الظاهرين، ومن المنافقين الذين لايريدون به خيراً مع تصفيق بعض الجهال وترديد بعض الببغاوات لنداءاتهم المضللة دون وعي أو إدراك بما سيؤول إليه الأمر من العواقب الوخيمة.
ثم في المقابل لا أخفي سراً إذا قلت: أنا قد ابتلينا في مجتمعاتنا بنوعية من البشرية ذات العقول الردية، ممن قد تحجرت عقولهم وطارت بهم رياح التغريب، قد خلخلوا بنية المجتمع الإسلامي عقدياً ونفسياً.
صنف منهم يمثله بعض المسؤولين الذين ابتليت بهم أمتنا الاسلامية ممن إذا تكلم حول عمل تخريبي تقوم به بعض الجهات المنتسبة للإسلام عمم الحكم على المسلمين جميعاً، وهذا خطأ فاحش!! لماذا لانقصر الحكم على من قام به؟ فالعدل قامت به السموات والأرض، لماذا لانقول: المذنب يتحمل خطأه، ولا نلصق التهمة بأحد حتى تثبت بيقين.
إن بعض المسؤولين ممن ضعف الدين في قلوبهم يرى أن الإرهاب يعني الإسلام، وكأن هذه نتيجة حتمية قد توصل إليها لا يريد التخلي عنه، وهذا هو سبب التعميم الذي أسلفت ذكره، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا الصنف يفكرون بعقول غيرهم، ويتكلمون بلسانهم، كما يدل على تأثرهم بردود الأفعال التي تنعكس بالتالي على أعمالهم فتجعلهم يعملون دون وعي فيؤدي ذلك إلى تخبطهم.
فكم نفتقد إلى الإنصاف عند ثلة من المسؤولين الذين لا تحركهم ردود الأفعال، حقيقة إنا نفتقد مثل هذه النوعية النادرة.
والجانب الآخر يمثله الأدباء المزيفون وكتاب الزور الذين لا يظهرون إلا في كتب الغزل والغرام، والبحث عن الشهرة الزائفة، ولا يدفعون عن بلادهم ولو بحرف ولا يخطون به كلمة، واذا تكلموا..!! فعلوا كمن سكت دهرا ونطق شرا، رجعوا على أهل الخير فاتهموهم وعلى أهل الباطل فمدحوهم ويرون أن ذلك منتهى النصر.. فمتى يستيقظون ويعلمون أن العز والنصر والتمكين إنما هو بالتمسك بهذا الدين العظيم.
وان لم يستيقظوا اليوم فمتى يستيقظون..؟!!
متى يستيقظون..؟