عرض المادة
رسالة إلى الشرفاء
2009-09-28
رسالة إلى الشرفاء
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ البشير النذير والسراج المنير؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم البعث والنشور.
أما بعد:
فإن الغيرة على العرض والشرف؛ مما تميز به العرب حتى قبل أن تشرق الشمس بنور الرسالة المحمدية؛ فكان العرب يفخرون بذلك؛ ويبذلون في سبيل الحفاظ على أعراضهم الغالي والنفيس؛ حتى إن قائلهم كان يقول:
يهون علينا أن تصابَ جسومُنا
وتســـلمَ أعراضٌ لنـا وعقـولُ
ومدح رجل من أهل الجاهلية امرأة فقال:
سقط النصيفُ ولم ترد إسقاطَه
فتنـاولتـه واتقتـنا بالــــــــــــيــدِ
سقط النصيف (غطاء الوجه) من غير قصد ولا عمد؛ فغطت وجهها بيدها مخافة أن يُرى.
ويمدح رجل آخر ( من أهل الجاهلية) قبل الإسلام!! يمدح امرأتَه فيقول:
لقد أعجبتني لا سقوطاً قناعُها
إذا مــــــا مشتْ ولا بذاتِ تلفُّتِ
فإن العرب الذين أنتم من سلالتهم؛ كانوا يتميزون بالخلق العالي وهو الغيرة
على الشرف.
والغيرة على الشرف من أعظم المنازل؛ وهي دليل على الفحولة والرجولة؛ ومن أفلت زمام الأمر؛ عُدَّ من سقط المتاع فلا قيمة له ولا قدر.
ومن تأمل قصص الجاهلية رأى من ذلك عجباً !
فمما جاء من قصصهم؛ أن عقيل بن علفة نزل في منتجع ماء؛ فسمع ابنة له تضحك؛ وقد شهقت في آخر ضحكتها حتى سمع الرجال الصوت؛ فحمل عليها بالسيف وهو يقول:
فرقت إني رجل فروقُ
لضحكـةٍ آخرها شهيقُ
وجاء عن هند بنت عتبة أنها قبل إسلامها كانت متزوجة برجل يقال له الفاكه ابن المغيرة، والفاكه هذا كان له مجلس يغشاه الرجال فيه، كعادة الرجال في كل زمن؛ وكان مجلسه مبرزاً عن منـزل نسائه؛ ولا تأتيه النساء في العادة؛ فزارته ذات مرة هند وجلست تسمر معه حتى غشيها النعاس، وغلب عينها النوم فنامت، وذهب الفاكه زوجها ليقضي حاجة، فجاء رجل على عادته يزور هذا المجلس؛ فلما أقبل وجد المرأة نائمة فرجع؛ وصادف رجوعه أن رآه الفاكه وهو مقبل من مجلسه؛ فجاء الفاكه إلى مجلسه وأيقظ هنداً؛ وقال: مَن هذا الرجل الذي كان عندك؟. قالت: واللهِ ما علمتُ ولا انتبهتُ حتى أيقظتني.
قال: الحقي بأبيك.
فلما جاءت لعتبة وأخبرته الخبر، قال للفاكه بن المغيرة: إنك قد اتهمت ابنتي، فإما أن تثبت وإما أن نتحاكم لأحدِ كهان اليمن.
والكاهن رجل سوء يخبر بما مضى؛ يخاطب القرين فيخبره أنه فلان وأمه فلانة؛ وحدث له في يوم كذا؛ كذا وكذا .
فلما قفلوا إلى كاهن اليمن واقتربوا من منزله اسود وجه هند؛ فقال لها والدها: أيْ بُنية؛ أما كان هذا قبل أن نأتي للكاهن؟!
فقالت: واللهِ يا أبتي ما ألممت بذنب؛ ولكنكم تأتون رجلاً يخطئ ويصيب؛ وخطؤه أكثر من صوابه؛ ولعله يصفني بصفة لا تزول مدى الدهر .
فلما جاءوا للكاهن جعلوها مع مجموعة من النساء؛ وقالوا له: انظر في شأن هؤلاء النسوة؛ فجعل يمر على النساء واحدةً واحدةً ويقول: قومي؛قومي؛ حتى إذا بلغ هنداً قال: قومي لا رقحاء ولا زانية .
فلما خرجت أخذ الفاكه بيدها؛ فنترت يدها من يده؛ وطلّقها فنكحت أبا سفيان.
هذا قبل الإسلام يا عباد الله!!
فلما أسلمت بايعها النبي r، وكانت عادته في مبايعة النساء أن يبايعهن على أنْ لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن؛ فلما قال r: بايعي على أن لا تشركي بالله شيئاً ولا تسرقي ولا تزني؛ فلما بلغ ولا تزني؛ وضعت يدها على رأسها؛ وصرخت: يا رسول الله أوَتزني الحرة؟!
هذا وهي حديثة عهد بالإسلام؛ ولكنها علمت منذ أيام الجاهلية أن الحرة لا تزني.
ففي أيام الجاهلية ما تزني الحرة؛ أما الآن فتزني الحرة؛ وقد تنام في أحضان كلب من الكلاب؛ تنام فاجرةً؛ وأهلُها من رؤوس الشرف؛ لأنهم تركوا الأرانب تمرح مع الذئاب .
هذا في أيام الجاهلية! تقول هند أوَتزني الحرة؟ وضربت على رأسها حياءً بين يدي رسول الله r .
فلما جاء هذا الدين العظيم؛ والنبي r يقول: « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » ؛ يعني أنه كان لدى الناس أخلاق في السابق؛ فجاء النبي r ليتمم هذه المحاسن؛ وتلك المكارم.
ومن تلك المحاسن التي جاء بها النبيr؛ الوصية بالغَيرة على المحارم؛ والتحذير من التهاون بها؛ فالغَيْرَة من أخلاق الكرام؛ والتساهل بها دليل على ضعف الدين ونقص المروءة؛ ومَثَل الرجل الغيور على محارمه مَثَل الجمل؛ لأن هذا رمز العرب؛ فهو يغار؛ ومعروفٌ من أخلاقه أنه لا يرضى على ناقته أن يأتيها جملٌ آخر؛ ولا يرضى مسلمٌ أن يكون مَثَلُه كالخنزير الذي لا يغار على محارمه.
واستمر الحال على الأخلاق الفاضلة عباد الله؛ حتى رأينا في هذه الأزمنة عجباً -وقد رأيتم-؛ ولكن المصيبة أن بعض الناس يرى البعيد عند الناس؛ ولا يرى القريب في بيته؛ أعمى؛ وقد يكون الله سبحانه قد طمس على بصيرته فلا نجاح ولا فلاح.
أرى كلَّ إنسانٍ يرى عيبَ غيرِه
ويعمى عن العيبِ الذي هو فيه
ومـا خير من تخفـى عليه عيوبُه
ويبدو له العيـبُ الــــــذي لأخيهِ
إخواني لنتكلم بصراحة:
انظروا إلى تلك العباءة المسماة زورا وبهتانا ( بالعباءة الإسلامية)؛ هذه العباءة التي انتشرت بين فتيات كثيراتٍ من بنات الشرف.
انظر إلى هذه العباءة حقيقة بعين المتأمل؛ ستوقن يقيناً لا شك فيه أن حقيقة مسماها العباءة الفاجرة .
هذه العباءة التي تكون من مادة الكريب اللامعة؛ وتلتصق على الجسم؛ فتفصل جسم المرأة تفصيلاً؛ والله لو مشت بثوب مجرد؛ لهو خير من هذه العباءة .
فهي ثوب لاصق لامع؛ فهل يرضى رجل أن يمشي مع أخته أو ابنته أو زوجته وهي لابسة تلك العباءة؛ تناظرها أعين الرجال وتلفت انتباههم؟!
لا يُحِسُّ بهذا الكلام إلا الرجال فقط؛ وأما أشباه الرجال فلا يعرفون معناه! من يرضى أن تمشي معه أخته فيناظرها الشباب في الأسواق؛ وهي لابسة تلك العباءة الفاجرة؛ التي سميت زوراً وبهتانا (بالعباءة الإسلامية)؛ والإسلام بريء من كل خلق دنيء.
هذه عباءة للجنس؛ يتخيلها بسببها الشباب الذين يمرون في الشوارع؛ فراقبوا هذه الملابس؛ لا يغشاكم أهل الفساد بمسميات فاسدة لا تغير من الحقيقة شيئاً .
فمرة عباءة إسلامية! ومرة تمثيل إسلامي! ومرة أغاني إسلامية! وكل هذا زور وبهتان .
هذه العباءة عباءة فاجرة؛ تثير الجنس عند الشباب؛ خصوصاً وأن بعض المفتونات تفصلها بطريقة متعمدة لتجسِّم تفصيلات جسمها لإثارة الغرائز.
فإن كان فيك إحساس الرجولة فلا تنس هذه الكلمة؛ ومَن مشت معه مَن تلبس هذه العباءة؛ خصوصاً إن أعطاها الله حسن هيئة في جسمها؛ فلْيوقن أن كلَّ الشباب ينظرون إلى صاحبة هذه العباءة الفاجرة.
إن من شروط الحجاب الشرعي؛ أن تلبس المرأة ثوباً فضفاضاً؛ وعباءة فضفاضة حتى لا يستبين منها الجسم؛ فإن كانت هي حقاً صادقة في أنها تريد الستر؛ فلماذا لا تلبسه كما أراده الله من غير زور وبهتان؟!.
ومن ذلك أيضاً النقاب السافر الذي تقنعت به بعض الفتيات فتنةً وانحرافاً.
نسأل سؤالاً صريحاً !
ذلك الرجل الذي يمشي مع أخته؛ زوجته؛ابنته؛ وهي لابسة النقاب الذي يجملها؛ وليست بذاهبة إلى حفلة عرس؛ وقد ذهبت للسوق في هذا اللبس المتبرج؛ ماذا تريد؟!
اسأل نفسك!! التي تلبس هذا اللبس وهي ذاهبة للسوق؛ ماذا تريد؟!!
تريد أن تلفت الأنظار..! كيف ترضى؟
هي تريد أن تلفت الأنظار! فكيف ترضى؟
والأدهى منه كشف الوجه مع تجميله وزخرفته؛ وهذا لا يجوز باتفاق العلماء.
تحف الحواجب؛ وتجمل الوجه؛ ثم تذهب لتصطاد الشباب؛ وبعض الناس يلوم الشباب!.
انظروا؛ هي قائدة الفتنة؛ وهي داعية المصائب والرذائل .
وبعضهم تبلغ به الغفلة أن تخرج ابنته للدراسة صباحاً بلبس مشين؛ وهو لا يدري! انظر إلى ملابسها؛ انظر إلى البنطلون تحت العباءة.
اللهَ..اللهَ في العرض والشرف يا إخوان.
الذي لا يغار على عرضه وشرفه هل فيه رجولة؟! لم يبق منها شيء .
ولا يقول بعض الشباب: أبي يرفض تدخلي في شؤون أخواتي؛ لا تطعه في ذلك فإنه ليس لمخلوق طاعة في معصية الله.
أنت الرجل؛ فإن لبست الأخت اللباس المتبرج فلا تخرج؛ رضي الوالد أم لم يرضَ؛ إنما الطاعة في المعروف؛ وما دام أنها أختٌ ستعيّرُ بها؛ أو زوجة أو ابنة؛ فلا تخرج إلا محتشمة.
البواطن كلها موكولة إلى الله؛ وكم ستر الله لنا من ذنب وعيب؛ نحن نتكلم على الظاهر؛ وأنها تلبس ما يحجب الفتنة عن الناس؛ فإذا كان عند الرجل غيرة؛ فلا يرض أن تخرج نساؤه بهذا اللباس الفاجر.
أيها الأفاضل:
ومما انتشر في الوقت الحالي الاختلاط في المطاعم؛ وأنا لا أتكلم عن وضع في أدغال أفريقيا، بل أتكلم عن وضع بدأنا نراه في مجتمعنا المحافظ يا أهل الشرف والعز.
بدأت عندنا مطاعم اختلاطية؛ وقليل الحياء من الله؛ الذي يستحي من الناس؛ إذا أراد ألا يعرفه أحد أنزل نساءه في المطعم الاختلاطي؛ ثم انسل للسيارة؛ أو ذهب ليصطاد الفتيات؛ ونسي أنه ترك الأرانب بين السباع الضارية.
يقول أسلافكم: "إذا صهل الحصان عطفت الفرس"؛ وهذا مثال دقيق؛ فتأملوا..!
الحصان إذا صهل عطفت عليه الفرس؛ ولذا كانوا في السابق يكرهون ركوب الفرس في المعارك مع أنها أسرع؛ مخافة أنها تعطف في المعركة على حصان العدو؛ فيقتل صاحبها؛ وهذا المثال مطابق للواقع.
فإذا عطفت الفرس( الفتاة )؛ تسببت في قتل القائد؛ وهو الأب أو الزوج أو الأخ؛ المخدوعون المغرورون البلهاء الذين غشيتهم الغفلة؛ فمجرد أن يصهل الحصان فإذا بالفرس تعطف عليه.
فكيف تأخذ شرفك وعرضك فتضعها بين يدي الرجال؛ أو أنك تسمح لها بأن تدخل وظيفة اختلاطية؛ فتجلسها بين الرجال؛ وكم من حصان يصهل وكم من فرس تعطف!!
لا تطلبوا المستحيل من النساء الضعيفات .
فمادام أنّ الله سبحانه؛ قد سلمك زمام الأمر فاحفظ هذه الأمانة.
كم من فتاة دخلت العمل الاختلاطي؛ وهي لابسة اللباس الشرعي؛ ثم بدأ ينقص شيئاً فشيئاً؛ بداية بترك العباءة الفضفاضة إلى عباءة الكتف اللاصقة؛ والغطوة الساترة إلى نقاب موسع معطر مجمل؛ وبدأ التكسر في الكلام؛ والتغنج والضحك والجرأة .
لِـمَ؟! هذا أثر المخالطة بالجنس الآخر .
وقد أعجبني أحد الفضلاء وهو يتحدث بقصة جرت معه؛ فيقول: توظَّفَتْ في مكان عملي فتاةٌ ذات نسب وشرف؛ والذي لفت انتباهي أنها فتاة متسترة تستراً شديداً؛ وقد وُضِعت في القسم الذي أديره؛ وكان كله من الرجال.
ومما غاظني أنها كانت من مجتمع محافظ؛ وقد رأيتها في كل يوم منكّسة رأسها؛ لا تتحدث مع أحد حتى نهاية العمل؛ ثم تنصرف.
فسألتها عن والدها؛ وعنوان منزلها؛ فأخبرتني؛ وقلت استقل الفرصة مادام في الأمر مهلة؛ فذهبت إلى والدها في عصر أحد الأيام؛ فلما جاءني بالقهوة وجلس معي؛ قلت:يا أبا فلان؛ لو قلت لفلانة تجيء لتجلس معنا؟!
قال: أنت مجنون؟! ألا تستحي؟!
قلت: لماذا؟ فهي كل يوم تجلس معنا من الصباح وحتى الظهر؛ وماذا في ذاك؟!
فاستحيى؛ وعرف خطأه؛ وانتبه لفعله المشين؛ وشكرني على مقصدي من النصيحة؛ ولما جاء صباح اليوم التالي فإذا هي جليسة البيت؛ قد تركت العمل.
فليسأل نفسه من ترك نساءه في وظائف الاختلاط؛ لماذا تستحي أن تدعوَ ابنتك لتجلس مع أصحابك إذا غشوا منزلك؛ وأكثرهم تعرفه وتثق به؛ ولا يمنعك ذلك الحياء المزيف أن تتركها بين صفوف الشباب الذين لا تعرفهم في الوظائف؟!. عجباً إننا في زمن المتناقضات.
إن العرق العربي يتمتع بالشهامة والحساسية المفرطة تجاه عرض المرأة؛ مما يشهد له التاريخ في كل عصر وزمن؛ ولما سادت الجزيرة العربية الفوضى خارج المدن في العهد العثماني؛ استدعى ذلك أن تسن القبائل قوانين لحفظ أنسابهم وشرفهم؛ وقد ذكر المؤرخ العثماني أيوب صبري باشا في كتابه:" مرآة الجزيرة العربية ": أن العرب كانوا لا يعرفون معنى الفاحشة ولا توجد بينهم، ولا يعتدي عربي على امرأة؛ حتى لو كان لصاً يستاقها مع أغنامها ليالي وأياماً ليسلب الغنم؛ لكنه لا يخطر بباله أن يعتدي على شرفها .
ويقول المؤرخ العثماني: " وكان الأعراب لا يهابون أي تضحية في سبيل مسألة الشرف، وهذا يدل على اشتداد غيرتهم وحميتهم، ولا يعرف أحد من الأعراب معنى الفاحشة ".
أواه.!! أين حمية ذلك الماضي وشهامته؟!.
واأسفا على عفاف ذلك الماضي!..
حزنٌ عميـق فــــــــــــــاض بي
واستعبـرت عيني وشُلَّ جنانـي
وعـــــــذاب أنفاس تردد رجعــها
فتسابقتهــا ثـــــــــورة الغثيــانِ
لو كــان في صدري لها متنفـس
لكنها تشكو مــــــــــن القضبـانِ
لو كـــــــــان للأيام صــوت ناطق
لرثت وفـــــــــاق بيانها تبيـــاني
لو كــــــــــــــانت الأوراق تحكي
قلمي وقالت: تـاه فيك لسـاني
أواهُ من قلب يكبّلُـه الأســى
فيهيمُ بين مدارة الأحــــــزان
أبكي ودمعي فـــي خـدودي
عيني جرت وتمزقت أجفـــان
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين؛ والعاقبة للمتقين؛ ولا عدوان إلا على الظالمين؛ وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد؛ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ عباد الله:
فيبقى سؤال وهو: مَن الذي يغار على عرضه؟!.
إنما يغار على عرضه الرجل المكتمل الرجولة؛ وأولئك الشباب الذين يعرفون معنى العرض؛ ولكن إذا ظهرت لنا أجيال هم في أنفسهم قد انحرفوا؛ فكيف يُصلحون أخواتهم وبناتهم وزوجاتهم.
فهذا الذي يصطاد بنات المسلمين؛ مع الوقت الذي يموت إحساسه؛ ولعله يرى أن كون أخته تصاحب صديقاً أمراً عادياً؛ ولا يشتد نكيره لذلك.
وهناك شباب في هذا الزمان ظهروا-ومع الأسف الشديد- كالأرانب؛ فكيف يحمون الأرانب؟!
وقد ظهرت موضات جديدة عند بعض الشباب المتشبهين بالنساء؛ وقد قال النبي r: « لعن الله المخنثين من الرجال » ؛ والمقصود بذلك المتشبِّهون بالنساء.
ومن تلك الموضات الجديدة أن بعض الشباب بدأ يضع أحمر الشفاة؛"وأنا لا أتكلم هنا عن الجنس الثالث؛ بل أتكلم عن شباب يعيشون بيننا"؛ شبابٌ رجالٌ دون شنب؛ ويضع أحمر الشفاة كالنساء!
أترجو من مثل هذا أن يغار على عرض؟!
فهو قد تشبه بأخته؛ بل إنه نزل درجات؛ فهي أفضل منه لأنها أنثى بالطبيعة؛ وهو بدأ يتفنن بتجميل نفسه حتى بدا كالنساء.!
شباب يحلق الشنب؛ ويضع أحمر الشفاة؛ موضة جديدة!!
انظروا إلى ما نعيشه من الانحدار!
أتدرون ما بداية هذا؟!
بدايته التقليد للكفار؛ رأى كافراً فعل ذلك؛ فعمل مثل صنيعه؛ وإذا ناصَحْتَه قال: لا أحد في هذا الزمان يُستحيى منه.
وهو ما قال هذه المقالة إلا لأنه فقد القدوة المصلحة؛ فبعض الناس لم يكن قدوة في بيته؛ ولم يربِّ أبناءه حق التربية؛ ولم يحطهم بنصحه، بل إنه يترك البيت الأيام والليالي الطوال. إلى أين؟ في الجلسات وأماكن السهر!.
وكم عرض هؤلاء أبناءهم وزوجاتهم للفتنة.
فبعض النساء إن خيم الفراغ على حياتها؛ ولم تجد من يُحكِم مراقبته عليها رأيت منها عجباً؛ وقد تكون في بادئ الأمر نظيفة طاهرة؛ ولكنه يأبى إلا أن يدنسها بسبب هجره المتواصل للمنـزل؛ وإفقادها ما تحتاجه من دفء المشاعر الذي تحتاجه كل امرأة؛ وقد سمعتم وسمعنا ما يشيب الرؤوس؛ ويلهب الأفئدة؛ من قصص الخيانات الزوجية التي انتشرت بين صفوف الكثير بسبب ذلك؛ ولعل أكثرهم يرى أنه بعيدٌ كل البعد عن هذا السلوك المشين .
واسمعوا؛ حتى تعرفوا مدى الانحدار الذي نعيشه!
فبسبب أناس يهملون بيوتهم؛ حدثت تلك الحوادث المؤلمة التي تتصدع لها القلوب.
تقول إحدى النساء:" قررت أن أفصح عن الأنات التي بدأت تنخر جسدي كنخر السوس للأسنان!
ليس مهمّاً مَن أكون؛ المهم أن يُعرف ما وصلت إليه من انحراف ترفضه كل الأديان السماوية؛ وتعف عنه كل الأنفس الشريفة! .
قصتي تبدأ مع السنوات الأولى لحياتي؛ حيث تقدم أحد أبناء عمومتي ليتزوجني؛ ولا تقدِّر مدى فرحتي بهذه الزيجة؛ فقد كنت أتصور أنه سينتشلني من بئر الأوجاع الذي رُميت فيه بقسوة؛ بسبب ما أعانيه في بيت أهلي.
وتم الزواج؛ وخرجت من سجن أهلي؛ ولكن إلى سجن أظلم وأكبر!
عشت وحيدة أناجي جدران البيت الكبير الذي أسكنه أنا وزوجي فقط؛ فقد ابتُليتُ بزوجٍ لا يفقه من الحياة الزوجية سوى السرير؛ ووقته يقضيه في العمل أو عند أغنامه؛ ولا أراه إلا عند وقت النوم؛ ويا ليته ينام عندي كل يوم؛ لأن عمله يتطلب وجوده يومين متتالين في العمل؛ وأربعة من المفروض أن يقضيها في بيته؛ ولكنه يقضيها عند عشيقاته من الأغنام؛ فهو مُولعٌ بتربية الأغنام لدرجة المرض؛ فقط عندما يريد إشباع شهوته يتذكرني ويأتي لبيته. وهذا الشيء جعلني بطبيعة الحال أكرهه أكثر من كرهي لأهلي؛ وهذا الإهمال والهجر جعلني فريسة سهلة للشيطان؛ فأخذ يزيّنُ لي الانحراف؛ فبَدأْتُ المعاكسات الهاتفية؛ وصرت أكلم هذا وذاك لأقضي على الفراغ الذي كاد أن يذهب عقلي .
استمريت على هذا الوضع لعدة شهور، وكانت البداية الحقيقية بتعرفي على إحدى جاراتي -وهي مطلّقة- والتي بدأت تزورني في البيت باستمرار .
كنت أعرض عليها مشكلتي وإحساسي الدائم بالضيقة والوحدة على حسن نية؛ وكانت تواسيني وتطلب مني أن أرى الحياة على حقيقتها؛ وهكذا حتى أتت تلك الليلة وأثناء غياب زوجي عند أغنامه؛ وإذا بي أتفاجأ بها وهي تطلب مني الذهاب للسهر معها عند إحدى صديقاتها.
رفضْتُ في البداية؛ ولكنها أصرّت وطمأنتني بأسلوبها الخبيث؛ وبالفعل ركبتُ معها السيارة؛ وكانت المرة الأولى التي أخرج فيها من بيتي دون علم زوجي؛ ولم تزل بي تلك الجارة الماكرة حتى أوصلتني إلى أقصى درجات الانحراف؛ وبدأت تتلاعب بي يمنة ويسرة؛ وتأخذني للسهر في أماكن الرذيلة عشرات الساعات .
والآن مَرَّ بي على هذه الحال سنة ونصف؛ والمضحك المبكي في هذه القصة أن زوجي وأهلي لم يلحظوا تغيري المفاجئ هذا إلى الآن! ".
هذه عينة لضياع البيوت؛ لما تولى قيادتها أناسٌ ليسوا على مستوى المسئولية؛ فذهبوا بأهلهم إلى لجج البحار المظلمة العميقة فأغرقوهم بها.
أيُّ ضياعٍ يعيشه مَن لا يعرفُ ولا يشعرُ بتصرفات أهله وما يغشاهم من السوء والانحراف؟!.
أين هؤلاء من قول النبي r: « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت »؟. وأي ضياع بعد ضياع العرض والشرف؛ وهل يُعقل أن تمر بنا الصور والعظات ليل نهار ولا نجد من يتعظ؟!
إلى متى تخيم على قلوبنا وعقولنا الغفلة؟
أيها الرجال: هل فقدتم السيطرة على النساء؟
تلبس المرأة ما تريد وتخرج من غير قيود؛ إذن ما هو معنى الرجولة؟!
لماذا يتجمل البعض في ظاهرِه؛ وباطنُه فاسد ضعيف؟
حافظوا على نسائكم فإنهن مفاتيح الشرف؛ فإن شئت فأضِعْ ذلك المفتاح أو احفظه .
ولكن اعلم أنك بضياعه قد فتحت على نفسك أبواب البلوى والذل والامتهان .
لا تشغلنكم الملذات عن حقوق نسائكم فتهملون تربيتهن؛ فيُفتح عليكم ما لا يغلق؛ وينخرق ما لا يرقع.
نعمْ؛ الحافظُ اللهُ على كل حال؛ ولكن ابذلوا السبب؛ لا تفتح على المرأة أبواب الفتنة وتقول تماسكي وامتنعي.
واعلموا أن الشرف هو رأس المال وإن كان المرء فقيراً؛ وما ينفعه كثرة المال وقد فقد عنوان السؤدد ورمز الشهامة؟.
لا يعجبنّك مـــن يصـون ثيابه
حَذَر الغبار وعـــرضُـه مبذولُ
ولربما افتقر الفــــــتى فرأيتَه
دنس الثياب وعرضُه مغسولُ
أيها الأفاضل المتمسكون بالفضيلة : لا تنهزموا أمام تعليقات أهل الشر؛ ولا تضعفوا بسبب نباح بعض الكلاب ووصفهم لكم بأنكم متشددون؛ بل والله إنكم فيما أمركم الله مستمسكون؛ ولكن هؤلاء الأراذل لما عجزوا عن السيطرة على نسائهم بسبب دياثتهم؛ بدأوا يحاربونكم ويهاجمونكم حتى تفعلوا مثل فعلهم؛ فتستوون في الرذيلة.
اعلموا أنكم بتمسككم قد أرضيتم ربكم؛ وأحكمتم قوامتكم؛ وكنتم لنسائكم ركناً شديداً يَأوِين إليه عند الشدة؛ ويتكين عليه في حال الضعف؛ فإنها تعلم أنَّ مَن تمسك بها في حال الشدة؛ وعفَّها عن كل مكروه؛ لن يتركها في حال ضعفها؛ كحال الرجال الأوفياء في كل زمن.
واعلموا أنكم كلما ازددتم تمسكاً؛ كلما ازدادت غربتكم واستوحشتم من كثير من الناس؛ والذي يأتي بعضهم بلسان الناصح؛ وهو من أخبث الناس قلباً وأبعدهم وداً .
تمسكوا فإن العمر قصير؛ وكلها أيام وسترحلون عن هذه الدنيا؛ وستعلمون إن شاء الله حين نزول ملك الموت ومنازعة الروح أنكم كنتم على خير؛ وتوقنون حين ذاك أن دعاة السوء ما كانوا إلا في غرور .
لا تهملوا بيوتكم؛ كفاكم هروباً إلى المجالس الموحشة.
اجلسوا مع زوجاتكم؛ مع بناتكم؛ أخواتكم؛ أمهاتكم؛ تحسسوا مشاكلهن؛ أزيلوا الحواجز بينكم وبينهن؛ ستجدون واللهِ معنى السعادة الحقيقية.
لماذا يصغي أحدُنا لسماع مشكلة لصديق ولو لساعات؛ ويسأم من مصارحة دقائق مع بنياته وأخواته وزوجته .
لماذا نجعلهن يحتجن إلى البعيد ليشكين إليه مما يضايقهن؟؛ هل هو كِبْرٌ أم قلة تدبير؟!.
أحسنوا إليهن الصحبة؛ لا تبخلوا عليهن بمال ولا محبة أو نصح؛ وسترون حين ذاك كيف يكنَّ لكم قرة عين وهدوء نفس.
واحرصوا؛ احرصوا -لا سيما في هذا الزمان- من داعيات السوء؛ فليس من العقل أن تذهب بها لزيارة صديقة لم تعرفها إلا من خلال دراسة أو عمل؛ أو قصر مدى.
انتبهوا لصداقاتهن؛ فكم من داعية سوء أَرْدت شريفة الدين والعرض والنسب فأهلكتها.
وأنتم أيها الشباب: احرصـوا على الجنس الطيب الطاهر إذا أردتم أن ترتبطوا
بزواج؛ ولا تذهبوا إلى مواقع الشوك المؤذي؛ وتطمعوا أن تلتقطوا الورد؛ ولا تسعوا لطلب الذهب الصافي في مواقع الحديد الصدئ.
وعليه؛ فخذ من تراها وقد تزينت بالتقوى؛ وتجلببت بالحياء؛ فإذا أخذْتَها فاتق الله فيها؛ ولا تكشف سترها الذي حافظت عليه عند أهلها؛ فتأمرها بنزعه؛ فإن هذا من أخلاق السفلة .
كما أنني أوصيكم معاشر الشباب بالبعد عن مواطن الفتنة؛ وألا تغرقوا في بحرِ دعواتِ الرذيلة؛ من نساء في هذا الزمان قُدْنَ زمام الدعوة إلى الرذائل .
فأقول: اتقوا الله يا شباب رغم ما يعترضكم من الدعوة إلى الفساد بلا ثمن؛ واعلموا أن عاقبة التقوى خيرٌ وجنةٌ في الآخرة؛ وصلاحُ حالٍ وبركة في هذه الدنيا؛ واعلموا أنها ستفنى الملذات ويحل بعدها الإثم.
ومــا هي إلا ساعةٌ ثم تنقضي
ويذهــبُ هـــــــــذا كلُّــه ويزولُ
كونوا رجالاً؛ وإن وقعتم في انحراف وغلبكم الشيطان فإياكم إياكم أن ترضوه لأهلكم .
إننا نعقد عليكم الآمال بعد الله تعالى؛ في الحفاظ على الشرف والأنفة؛ فلا تخيبوا آمالنا فيكم؛ ولا يتلاعب بكم بعض السفهاء باسم الحضارة والتمدن؛ حتى يسحبوكم عن أصالتكم شيئاً فشيئاً؛ فتكونوا وإياهم سواء؛ فيأخذون منكم أكثر مما كانوا يطمعون فيه .
وأحذرك أيها الشاب أن تتسبب في إفساد فتاة غافلة؛ فتجرفها إلى أودية الشك والريبة؛ فتكون أول من علَّمها ذلك وسَحَبَها إليه؛ فتأخذ إثمها وإثم من دعته إلى ما وقعت فيه؛ قال r:
« من دعا إلى ضلالة ؛كان عليه إثمها وإثم مـن عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً » .
وإذا أفسدت مجتمعك وبنات بلدِك وأخواتِك؛ فكيف تطمعُ أن تجد يوماً امرأةً عفيفةً؛ تُسَرُّ بالارتباط بها؟ .
ولعلك تعاقب في أن يزرع اللهﻷ الشكَّ في قلبك من جنس النساء" رغم وجود الخيِّرات منهن وهن كثير بحمد الله "؛ فتُعرض عن الارتباط بهن وتنظر لهن نظرة قاتمة بسبب شقوتك؛ رغم وجود كثير منهن مما يُطمَع بهن زوجات محصنات في البيوت؛ لكن مَن أكثر من شيء لم يرَ في الناس غيره .
( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون * واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أنّ الله شديد العقاب ) .
نسأل الله سبحانه أن يهدي ضال المسلمين؛وأن يوفقنا جميعاً لطاعته .
ونسأل الله أن يعاملنا بجميل ستره .